الوعظ و الارشاد

الوعظ والإرشاد من التنمية الروحية إلى التنمية الوطنية

يكتسي الوعظ والإرشاد أهميته في الإسلام من حيث هو وظيفة دينية تربوية وتعليمية، مرجعها الاشتغال بوظائف النبوة الأربعة المذكورة في كتاب الله في أكثر من سياق، منه قوله تعالى: “لقد من الله على المومنين إذ بعث فيهم رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين”(آل عمران:164)

والعلماء هم الوُرَّاثُ لذلك، على سبيل الاتباع والتأسي بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كما في قوله تعالى: “فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون“(التوبة:122)

وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ العلماءَ وَرَثَةُ الأنبياء)([1]).

وبما أن عملية الوعظ ترجع إلى الجانب التربوي من وظائف النبوة المذكورة في الآية، كما أن عملية الإرشاد ترجع إلى الجانب التعليمي منها؛ فإن العمليتين معا تعتبران سيفا ذا حدين: قد تؤديان بالناس إلى زكاة في الأنفس، وصلاح في الأخلاق، واستقامة في المفاهيم والمواقف والتصورات، كما قد تؤديان إلى عكس ذلك تماما! و ذلك إذا تصدى لهذا الشأن من ليس من أهله، خرق قواعد العلم و أصول الأدب في شأن الوعظ والتعليم. و لذلك كان قول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح: (إن الله تعالى لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ من العبادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً؛ اتَّخَذَ الناسُ رُؤُوساً جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا..!)([2])

ومن هنا مست الحاجة إلى تسليط بعض الضوء على هذين المفهومين و مقاصدهما التربوية والتعليمية، في سياق العمل الديني.